حتى لا يهجروا الجغرافية

الجزائر كبيرة ليس من حيث المساحة فقط، ولكن كبيرة بأمور ما زلنا نستصغرها وخاصة ما تعلق منها بالتاريخ، هذا التاريخ العميق الغارق في الزمن الذي ما زلنا نلقنه للناشئة سطحيا فقط، ربما هذا الجهل بالتاريخ هو الذي جعل شبابنا اليوم المحروم من الكرامة والمحروم من تلقين تاريخ بلاده الحقيقي يفضل الهروب من الجغرافيا، هذا التجهيل المتعمد بتاريخ البلاد الحقيقي القديم منه والحديث جعل حتى المثقفين أشبه بالقصر، ولن نكون مبالغين إن قلنا ان التاريخ هو الذي يصنع شخصية المواطن، ويعطي قوة الشعوب، فهل يعرف طلابنا وتلاميذنا في المعاهد والمدارس والجامعات مثلا من هو صيفاقس ؟ وهل يعرف المثقفين والتلاميذ والطلاب عن آثار بلادهم ومن بناها ومن شيدها وكيف تم تشييد الحضارات في الجزائر؟ الكثير من المعالم التاريخية مع الأسف صار المواطن العادي يشارك في تهديمها، ولو كان الناس يعلمون أهمية التاريخ ووما كانت عليه بلادهم في الماضي السحيق، لاحتفظوا حتى بالمسمار الذي دقه الأجداد في أبواب الجوامع وأبواب البيوت العتيقة والتي صارت أثرا بعد عين. الجزائر كبيرة، كبيرة جغرافيا وتاريخيا وانسانيا واجتماعيا، ولكن اليوم مع الأسف صار ضعيفة اجتماعيا واقتصاديا وانسانيا وضعيفة حتى في الممارسة السياسية، لا لسبب سوى لأن ثمة من يد أو عقول تشتغل ليل نهار لاخفاء التاريخ الحقيقي للبلاد خاصة التاريخ الممتد في عمق الزمن، ولو عرف الجيل الجديد تاريخ بلادهم لما فكروا في هجرة الجغرافيا ولكن لا لوم عليهم .