الجزائر - A la une

"الصيد" رائد الجوزية في قسنطينة




يستقطب محل "الصيد" أو "جوزية سيرتا" زبائن من مختلف أنحاء الوطن، بل ومن نقاط عديدة من العالم. "المساء" تنقلت إليه بحي المنظر الجميل بوسط مدينة قسنطينة، حيث اقتربت من السيد عمر خلفة، نجل رابح خلفة المعروف باسم "الصيد" وهو لقب ثوري أطلق عليه ومعناه الأسد في اللهجة القسنطينية وروى حكاية ولوجه عالم صناعة حلوة الجوزية التي تعد علامة مسجلة في تراث المجتمع الجزائري وتخص مدينة الصخر العتيق بالتحديد. يكفي أن تجلس ساعة في محل عمي عمر (61 سنة) لتتيقن أن ما يفعله هذا الرجل مدهش، زبائن من كل مكان يدخلون المحل والفضول يفيض من عيونهم إن كان المنتوج الذي يريدونه متوفر أم نفذ، وتتباين أعمار الزبائن وعشاق جوزية الصيد وكذا جنسهم وحتى جنسياتهم، فمن الزبائن الذين التقينا بهم أوروبيون قد يكونوا متواجدون بقسنطينة لأسباب مهنية، لمحنا انبهارهم لذوق الجوزية ومختلف الحلويات التي يعرضها المحل.مبادئ عمي عمر في الصناعة والتجارة نهلها من والده رابح الصيد، فهو لا يغامر في الإيجار ولا يرهن ملكا، وفي الشأن يؤكد أن ما تركه الأجداد والآباء من وصايا لا يمكن الخوض فيها. فهي بمثابة قوانين ثابتة أدت لنجاح كبير، وكسب سمعة من ذهب. وشاءت الصدفة أن نتحدث مع مواطن قسنطيني مغترب بكندا، وهو يقتني كمية معتبرة من الجوزية، وقال لو أن هذا المنتوج يجد له محلا في كندا فسيحقق أرباحا وشهرة منقطعة النظير، وأضاف أنه في كل مرة يأخذ معه كمية ويهديها لأصدقائه الكنديين الذين انبهروا للنكهة الموجودة في جوزية "الصيد". يقول عمي عمر خلفة إن مجد صناعة جوزية "سيرتا" بدأ بفضل والده عام 1943، ويبيعها بمكان يدعى "لي كونطوار"، في شهر رمضان فقط وكان جدّه كذلك من قبل من محترفي هذه الصنعة العتيقة، برحبة الصوف بالمدينة القديمة، حيث مازال المحل موجودا ويشتغل فيه ابنه عبد الكريم، أما عمي عمر فيشتغل في محله بحي المنظر الجميل بقلب المدينة، وأضاف أنه يبحث عن محل آخر في الجزائر العاصمة ذلك لكثرة الطلبات الوافدة منها.يلج المحل كذلك أحد الزبائن ويبدو أنه زبون وفيّ لجوزية "سيرتا"، وحدثنا أن "الصيد" يعد من أعرق المحلات في قسنطينة وأشهرها، كونها بقيت محافظة على هذا الموروث، وهنا يتدخل عمي عمر قائلا "للأسف هناك الكثير من الدخلاء على هذه الصنعة، والأسوأ من ذلك أنهم ينتحلون اسم محلي". وأضاف صاحب المحل أن صناعة الجوزية لا يتقنها إلا عدد قليل من الأشخاص، خاصة بعد وفاة شريف بن توالى وبراشي ومتقر الذين تميزوا بالجودة، وقال إن جوزية الصيد الوحيدة التي حافظت على الذوق الأصلي لهذا المنتوج. وقبل خروجنا من المحل، سألنا عمي عمر إن كان لديه استعداد لتعليم صناعة الجوزية، ورد بحزم "لن أعلّم أحدا.. وكما تعلمت وأخذت التجربة فعلى الراغبين أن يتعلموا وحدهم حتى يصلوا".


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)