الجزائر - A la une

العائلة المركّبة بقسنطينة انتشرت في القرون الماضية



العائلة المركّبة بقسنطينة انتشرت في القرون الماضية
التقت "المساء" بالباحثة والدكتورة فاطمة الزهراء قشي، للحديث عن كتاباتها حول الموروث القسنطيني وعن الصعوبات التي يتلقاها الباحث الجزائري للقيام بمهامه، تليها العراقيل التي يتعرض لها لنشرها، فكان هذا الموضوع...❊ هل لك أن تحدثينا عن إسهاماتك في مجال التعريف بالموروث القسنطيني؟❊❊ وصلت إلى تراص قسنطينة من باب البحث الجامعي. بعد دراسة الصحافة الجزائرية الناطقة بالعربية في الدكتوراه الحلقة الثالثة، توجهت إلى سجلات العدول أو سجلات المحكمة الشرعية، المالكية والحنفية، لاستغلالها محتويات عقودها في دكتوراه الدولة. وتطرقت لقسنطينة المدنية والمجتمع من أواخر القرن الثامن عشر حتى منتصف القرن التاسع عشر، فعرّفت بالتركيبة السكانية للمدينة وعلاقات المصاهرة، ودرست مدى استقرار الزواج ومدى انتشار ظاهرة الطلاق. وبالجرد الكامل لعقود الزواج والطلاق لفترة سبع سنوات متتالية، قمت بوضع قاعدة بيانات للأزواج بالأسماء الكاملة مرفقة بتاريخ الزواج ومهنة الزوج عندما تذكر، وقيمة الصداق نقدا وما يرفق معها وكذا اسم الولي.❊ وماذا استنتجت من هذه الدراسة؟❊❊ اتضح من الدارسة أن التعامل بالأسماء الثلاثية كان شائعا في المدينة بالاعتماد أساسا على النسبة إلى القبيلة. أما ظاهرة تعدد الزوجات فكانت تمس فئة قليلة تقل عن 10%. كما أن تكرار الزواج كان واردا بالنسبة للرجال والنساء؛ بمعنى أن النساء المطلقات يعدن الزواج مرة ومرتين، وفيهن من تأخذ معها إلى بيت الزوجية الجديد، أولادها من الزواج السابق، ويلتزم لها الزوج بالتكفل بأبنائها من غيره أمام عدول القضاء. وقد كانت ظاهرة العائلة المركبة معروفة في قسنطينة. المهم أنني دخلت باب التراث القسنطيني المكتوب من سجلات العدول وعقود الأوقاف والنوازل.❊وعلامَ اعتمدت في دراستك لسياسة صالح باي العمرانية؟❊❊اعتمدت على عقود أوقاف قسنطينة في دراستي لسياسة صالح باي العمرانية، بالتركيز على توسعاته نحو الجرف ونقله مركز المدينة إلى سوق الجمعة وسوق العصر، ببناء مجمع تجاري وثقافي كبير حول داره. فشيّد الجامع فوق ضريح سيدي الكتاني، ومدرسة داخلية لتعليم الشبان على الطريقة العصرية، وعشرات الحوانيت وغيرها، وهذا في الطابق السفلي للدار أوقفها على الجامع والمدرسة، فضلا عن العقارات، ثم نشرت كل عقود الأوقاف المتوفرة لدينا في مصلحة الأرشيف لولاية قسنطينة في شكل تحقيق وتقديم. وأعدت كتابة نصوص العقود بالحاسوب، وقمنا بتصوير فوتوغرافي للنصوص الأصلية، وقبلها كنت قد عرّفت بنوازل الفكون.❊ بمَ يمكن أن تحدثينا عن نوازل الفكون؟❊❊ يُعد مخطوط نوازل الفكون من أهم ما تركته عائلة شيخ الإسلام بجانب "منشور الهداية في كشف حال من ادعى العلم والولاية" للتأريخ للعائلة من جهة، ودراسة الحراك الثقافي للمجتمع القسنطيني في القرنين العاشر والحادي عشر الهجريين (16 و17م). وحظي مخطوط نوازل الفكون باهتمام الباحثين وإن تأخر تحقيقه. كما إن نوازل الفكون مخطوط عائلي، أعاره لنا المرحوم الشيخ الفاضل الحاج حسونة بن الشيخ الفقون، إثر لقاء في بيته بأعالي باب القنطرة سنة 1987، وضع بين أيدينا بعض عقود الأوقاف العائلية، والتي تعود إلى القرن التاسع عشر. كما سلّم لنا كتابين، أولهما مجلد صغير الحجم في شكل أنيق، قد يعود نسخه إلى نهاية القرن 19 أو مطلع القرن 20. ويتكون كتاب"فتح الهادي في تفسير المجرادي" من سبعة وستين صفحة، وهو مصنف في النحو، ونُسب إلى الشيخ عبد الكريم الفكون الحفيد، أول من تبوأ منصب شيخ الإسلام وإمارة ركب الحج في العائلة. كما اشتمل الكتاب الثاني على النوازل التي جُمعت في مجلد من الحجم المتوسط، وهو مرقم من 1 إلى 588 صفحة بالأرقام الهندية. كما ضم كتاب النوازل خمسين وثلاثمائة نازلة أو مسألة وُزعت على ثمانية فصول، أجاب عنها أكثر من ثمانين عالما وفقيها. حظيت جل المسائل بجواب من فقيه واحد، وقلة من النوازل جمعت أجوبة عدة وفيها اختلاف في الرأي، ومن أشهرها الاختلاف حول إباحية الدخان وتباين المواقف حول قضايا فسخ الحُبُس.❊ أعددت عدة مذكرات انبثق عن بعضها مؤلفات، هل لك أن تذكري الصعوبات التي واجهتها في عملية البحث أوّلا، ثم النشر ثانيا؟❊❊ كان مشوار بحثي طويلا. دخلت التاريخ في جامعة قسنطينة وكنت أريد الإنجليزية ولم يكن التخصص مفتوحا في مطلع سبعينيات القرن الماضي. وبعد الليسانس كان عليّ التسجيل في العاصمة، وهذا ما قمت به. رحلة البحث شاقة وشيّقة لمن يقتحم الميدان. صعوبات البحث متنوعة على حسب الظروف والتخصص. ونحن في التاريخ نعاني من قلة المادة وصعوبة الوصول إلى المصادر. وكانت - ولاتزال في بعض الأحيان - عمليات نسخ الصحافة مثلا، ممنوعة لكبر حجمها وتسفيرها في مجلدات. وكنت أحتاج إلى قراءة متأنية لوضع بطاقات التعريف بالجرائد قبل التوقف عند محتوى المقالات لتصنيفها وتحليلها. ونفس الشيء مع سجلات العدول التي لا يُسمح بتصويرها حتى الآن؛ صعوبة الوصول إليها وضيق الوقت؛ فإلى اليوم مازال الباحثون في أرشيف قسنطينة يخرجون من قاعة المطالعة وقت غداء الموظفين لمدة ساعة، وهو أمر صعب؛ لأن الوقت ضيّق لمن يأتي من بعيد، فضلا عن انعدام أماكن مريحة يمكن فيها الانتظار أو تناول وجبة الغداء. انتظرنا طويلا مقرا جديدا للأرشيف. وتأجّل عقودا، كما أن قسنطينة تفتقر لمركز للأرشيف جدير بتراثها الوفير.❊ هل شاركت في تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015؟❊❊ شاركت في لجنة القراءة لانتقاء الكتب التي تُنشر بالمناسبة، كان نصف عدد أعضاء اللجنة من قسنطينة، وتوزعت حسب التخصصات. اشتغلنا بجد لمدة سنة كاملة (طوال سنة 2014)، وكنا نقدّم بطاقات التقييم عن الكتب المقترحة شهريا في جوّ من الجد والاحترام وحب الاطلاع، لكننا اضطررنا إلى تقليص القائمة عدة مرات؛ مما أربكنا حول الأولويات، كما ساهمت في الملتقيات بالتنظيم والمشاركة والحضور.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)