الجزائر - A la une

محاربة السنة تحت راية كاذبة




محاربة السنة تحت راية كاذبة
ليس صدفة أن يختار التحالفُ العالمي استقبال المسلمين لشهر رمضان المعظم ليبدأ ما يشبه "حرب الاسترداد" بالعراق والشام وليبيا، يريد إلحاق الهزيمة بالكتلة العربية السنِّية تحت رايةٍ كاذبة اسمها "إلحاق الهزيمة بداعش" كما يدّعي أوباما وبوتن، وقد توثق في هذه الحرب تحالفا غير مسبوق بين نصرانية متخفية من الشرق والغرب، مع صفويةٍ فارسية مستأسِدة، وشعوبيةٍ قومية مستأنِسة بغطاء قوى الاستكبار.الأدوار قُسِّمت بعناية بين أمريكا وروسيا مع ذات الحلفاء شرق وغرب دجلة والفرات، في حربٍ غير متوازية ولا متوازنة ضد نفس "العدو": مدن عربية سُنِّية يراد من خلال إلحاق الهزيمة بأهلها، ترهيب بقية العرب والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها. وبقدر ما احتاطت جميعُ الأطراف المدَّعية "تحرير" شعوب المنطقة من قبضة تنظيم "الدولة" في معركة كوباني الكردية حتى تمّ إخلاءُ المدينة من سكانها، فلا أحد اليوم يلتفت إلى مصير قرابة 80 ألف مدني من سكان الفلوجة وهي تتعرّض لحرب تطهيرٍ طائفي، يشارك فيها خليطٌ من القوى النظامية العراقية والحشد الشيعي بقيادة قاسم سليماني وأزلامه من الحرس الثوري الإيراني.وإذا كان الأمريكان يصرّون على أن يتمّ "استرداد" الرِّقة على يد حلفائهم الأكراد، كمقدِّمةٍ لإلحاق المدينة بالكيان الكردي القادم في سورية بعد التقسيم، فإن الإيرانيين يصرُّون على تفرّدٍ شيعي صرف في معركة "استرداد" الفلوجة، وقيام فرصة التنكيل بأهلها كما نُكِّل بأهل تكريت والرمادي، وعلى ما يبدو فإن معركة "استرداد" الموصل لن يأذن لها الأمريكيون حتى يطمئنُّوا على قدرة الأكراد على قيادتها، في سياق عامّ يشير بقوة إلى أن "استرداد" المدن العربية العراقية والسورية يُراد له أن يترافق مع تطهير عرقي طائفي، وربطها بكياناتٍ عرقية وطائفية تمنع عودة العرب السنَّة، ومن يبقي منهم يُعامَل معاملة الذِّمِّي، كما هو حال عرب فلسطين، وعرب الأحواز، والأقليات السنية في إيران وفي المهجر.ومع توقُّع استماتة أهل الفلوجة والرِّقة والموصل في الدفاع عن مدنهم وعرضهم، فإن ميزان القوة المختلّ، أمام تحالف عالمي جبّار ليس له نظيرٌ في التاريخ الحديث، لا يمنح أدنى فرصة لنجاة مئات الألوف من أهل هذه المدن التي يراد تسويتُها بالأرض، ويراد لدمارها أن يُنتِج صدمة مروِّعة لبقية العرب والمسلمين أبلغ من صدمة حربَيْ الخليج الأولى والثانية.غير أن ما لم تضعه قوى الاستكبار في الحسبان، أن المشروع الصهيوني الذي دعمته بسخاء منذ قرن لم ينجح حتى الآن في ترويض بضعة ملايين من الفلسطينيين العرب، فكيف تحلم اليوم بترويض 400 مليون عربي مستهدفين بالإهانة، ليس لهم كنيسة ولا نُخب مُطاعة مثل النصارى، ولا مرجعية "عليا" مثل الشيعة لا يُردّ لها أمر، ولا حتى نخبة سياسية وفكرية موثوق بها، مؤهّلة لصرفهم عن الانخراط في اليوم الموالي لنهاية "حرب الاسترداد" في ما هو أخطر من "القاعدة" وتنظيم "الدولة"؟
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)