التقدم نحو الخلف بالفرنسية

من عجائب ما نعيشه في هذه البلاد أن يستمر الجدل حول الفرنسية منذ استقلال البلاد إلى يوم الناس هذا، أكثر من نصف قرن من الصراع اللغوي وازدواجية اللغة وإعلان الحرب على اللغة الرسمية للبلاد أجلت كل مشاريع البلاد الثقافية والاقتصادية وكل المشاريع التي يمكنها أن تنهض بالبلاد، واليوم يتم الحديث عن فرنسة الرموز العلمية في المنظومة التربوية من أجل النهوض بقطاع التربية على زعم أصحاب هذا الطرح، رغم أن الرموز العلمية والرياضية باللغة الرسمية لم يطرح أي مشكلة بل على العكس كان التلاميذ في مختلف الأطوار في سنوات النية الصادقة في تعريب المنظومة التربوية يستطيعون مسايرة ما هو طبيعي أي تلقيهم العلوم والشرح باللغة الرسمية مع رموزها بنفس اللغة، أما الآن فإن السعي الى تلقين الناشئة العلوم باللغة الرسمية و استعمال الرموز بنفس اللغة، سيحدث تصادم في عقل التلميذ، وحينها سيتم الحديث عن إلغاء اللغة العربية وتعويضها بالفرنسية حتى يتناسب ذلك مع عقل التلميذ وهذا هو الهدف الذي يسعى اليه البعض. ولو تمعنا في مختلف المصالح التي تم فرنستها منذ الاستقلال لوجدنا أنها تعاني التخلف الكبير كقطاع المالية وقطاع الصحة و قطاعات أخرى، والظاهر أن بعض ممن ينتمون للجزائر ببطاقة التعريف الوطنية فقط لا يدافعون عن اللغة الفرنسية ولكن يدافعون عن الثقافة الفرنسية والتاريخ الفرنسي، لأنهم لو كانوا فعلا مطلعين على ثقافة الجزائر وتاريخها وتاريخ العلوم العربية والإسلامية وكيف استفادت الحضارة الغربية من العلوم الإسلامية وبرموزها العربية لكان لهم شأن آخر مع هويتهم، إن كان لهم فعلا هوية تذكر.