الجزائر - A la une

سليمة بوسماحة تقتحم زراعة الفطر بإقدام وشجاعة بتلمسان


سليمة بوسماحة تقتحم زراعة الفطر بإقدام وشجاعة بتلمسان
استطاعت المستثمرة سليمة بوسماحة من بلدية عين يوسف الواقعة على بعد 25 كلم من عاصمة الولاية تلمسان , أن تجسد حلما ظل يراودها على مدى 10 سنوات بفضل استفادتها من قرض في إطار جهاز دعم تشغيل الشباب أتاح لها إنشاء مزرعة خاصة بإنتاج الفطر و تطويرها بالاعتماد على البحوث العلمية بحكم تخصصها في البيولوجيا بشكل مكنها من تحقيق القيمة المضافة للتنمية الاجتماعية و الاقتصادية من خلال استغلال جميع الموارد و الإمكانيات للحصول على إنتاجية تشجع النجاعة و المنفعة العامة بعمق الريف الجزائري.إن التجربة التي خاضتها السيدة سليمة بوسماحة باعتبارها مستثمرة ناجحة في مجال نادر , جديرة بالإشادة و التنويه لعدة أسباب ؛ منها أنها اختارت دخول عالم النشاط الفلاحي ومن باب الاختصاص مباشرة في زراعة مادة الفطر التي ما زالت بلادنا تستوردها من الخارج ؛و منها أنها لم تكتفي بتوظيف اختصاصها في البيولوجيا لإنجاح مشروعها الفلاحي و إنما استعانت بخبرة من سبقها في هذا النشاط ؛ و منها أنها استغلت المواقع المهجورة و المنشآت المهملة لتطوير نشاطها و توسيعه , كما نجحت في إيجاد سوق لبيع منتوجها من الفطر الطبيعي و بسعر ينافس الفطر المستورد . و لأن مشروع السيدة بوسماحة , ممول في إطار جهاز دعم تشغيل الشباب , فإنه يمثل نموذجا للاقتداء , بالنسبة للشباب البطال, و خاصة منهم المتخرجين من الجامعات و مراكز التكوين المهني , من ذوي الاختصاصات المختلفة, و خصوصا تلك التي لها علاقة بالقطاع الفلاحي المعوّل عليه لإحداث التحول الاقتصادي الذي تنشده الدولة .و لهذا ارتأت جريدة» الجمهورية» أن تستعرض قصة هذا الاستثمار الناجح , عله يوحي لنساء أخريات أو شبان آخرين, بمشاريع مماثلة أو مكملة لنشاط السيدة بوسماحة الواعد , والقابل لأن يصبح موردا للعملة الصعبة إن هو توسع باستغلال كل الكهوف و المغارات و المنشىآت القديمة المهملة في ربوع البلاد . مخبأ سابق للإرهاب يتحول إلى مزرعة لإنتاج الفطرإن مشروع زراعة الفطر تمت مسايرته بدقة من لدن هذه المرأة المستثمرة , رغم الصعوبات التي اعترضتها في البداية , خاصة من ناحية عدم إيجاد مكان مناسب لتطبيق تجربتها الأولى بإقليم تلمسان, بسبب غياب مساعدة المسؤولين المحليين. و هو ما أجبرها على البحث عن بقعة أخرى, لتجسيد مبتغاها .و مباشرة بعد استلامها قرضا مبلغه 700 مليون سنتيم في إطار جهاز دعم تشغيل الشباب» لونساج», توجهت نحو ولاية عين تموشنت , لاستغلال نفق قديم يتربع على مساحة 500 متر مربع ,كان الجيش الوطني الشعبي قد دمره أثناء العشرية السوداء , لأنه كان مخبأ للإرهابيين. لكن المستثمرة رأت أنها قادرة على بعث الحياة في عمق هذا النفق , و تحويله إلى « مزرعة «بامتياز , بأعالي جبال «بني غناّم» بمنطقة «بني صاف». لتساهم بهذا الإنجاز في إنعاش هذه المنطقة الريفية, بنشاط فريد و منحها الأمل لعشرات ملاّك المساحات الفلاحية , الذين عادوا لخدمة أراضيهم بعدما هجروها لسنوات. و جاء اختيارها لهذه المنطقة الريفية , بعد جهد جبار, جعلها تتوسل إلى السلطات الولائية لعين تموشنت, لتسهيل مهمة الوصول إلى النفق, إذ كان الأمر يتطلب موافقة كل من المصالح الفلاحية و الغابية وإدارة السكة الحديدية لذات الولاية. ثم باشرت إنجاز مشروعها الاستثماري , بعد أن كان حلما راودها في شكل فكرة خطرت ببالها منذ سنة 2002, قبل اقتناعها بها نهاية عام 2012 . فأعدت للمشروع عدته وو ضعت لتنفيذه خطة علمية بحكم تخصصها في البيولوجيا , و دعمت كل ذلك بالاستفادة من خبرة من سبقها في هذا النوع من الزراعة, بإستغلالها معلومات استقتها من أحد الأقدام السود المقيم بولاية معسكر, بصفته مختصا عارفا بمجال زراعة الفطر. و الذي ساندها بصدر رحب بخبرته, و أمدّها بتقنيات اعتمدت عليها و حفّزتها في هذا الشأن, لوضع مخطط نشاطاتي على مستوى الموقع المختار.زراعة الفطر , نشاط مربح بإمكانيات بسيطة كانت أولى خطواتها العمل على شراء مادة التبن من المزارعين, و الحصول على روث الحيوانات من مركز تربية الخيول بتلمسان . و كان ذلك يتطلب كراء شاحنتين(2) أسبوعيا لنقل هاتين المادتين الأساسيتين إلى « بني غنام», لخلطهما بالماء الذي كانت تجلبه بطريقة تقليدية من منبع يشترك فيه الكثير من الفلاحين لسقي أراضيهم. و لطالما تصارعت معهم لاقتناء الكمية التي تحتاجها . و تدريجيا تأقلمت مع الوضع, بغية تعزيز مشروعها بنفق مظلم, استعملت فيه الإنارة اليدوية لتفقد الفطر , رغم أن سعة الكهرباء التي تتطلبها العملية تقدر على الأقل ب380 فولط . لكن السيدة سليمة تجاوزت صعوبة عدم توفر الطاقة بحنكة, و راحت تراقب الأمراض بأجهزة ضوئية تشتغل بالبطاريات, لكشف الطفيليات القاتلة للبكتيريا التي يتغذى منها الفطر. وهي طفيليات لا تكتشف إلا بمعرفتها العلمية المستنتجة من الاحتكاك القاعدي , كإستراتيجية تدعو للحفاظ على هذه الزراعة لإنماء القيمة المضافة في الحقل الاقتصادي والوسط الإجتماعي . و بالفعل حققت المستثمرة مبتغاها و زرعت الفطر بطريقة طبيعية خالية من الإضافات الكيماوية. و جابهت في خضم ذلك العوائق بقطعها مسافة 45 كلم يوميا من عين يوسف(تلمسان) إلى عين تموشنت, برفقة زوجها و أبنائها لمتابعة مجريات تكوّن بذور الفطر و نتوشها. و قالت في هذا الخصوص : « أنها أصعب مرحلة, لعدم درايتها ما إذا كان البحث سيعطي نتائجه بجهل درجة التوافق الدقيق بين النتيجة الحاصلة و النتيجة المأمولة لمردود الفطر. مع أن هناك «تعامل بمقاييس علمية محضة تم التقيّد بها بصفتها مختصة في» البيولوجيا» و لابد عليها تطبيق تحليل التكاليف المعنوية و المادية في آن واحد لمشروع يحتاج دوما لوسائل ثقيلة لتسييره بانتظام, وتضبط فيها مصاريفها بعيدا عن سعر كرائها لوسائل النقل التي تستخدمها, و أثقلت كاهلها في بداية العملية. ما ألزمها التفكير في توفير ربح الإنتاج و اقتطاعه لشراء جرار و شاحنة مصهرجة و مركبة لتوزيع الفطر. و الذي اعتبرته عاملا أساسيا في حصولها على منتوج تراوح في العام الأول(2013_2014) ما بين 40 كلغ إلى 80 كلغ شهريا , تم قطفها من مساحة 125 متر . الأمر الذي سمح لها ببذل قصارى جهدها للرفع من الحصة الشهرية , لتلبية الطلب المتزايد عليه من طرف المؤسسات الفندقية الكبرى لوهران , و كذا «رونيسونس « بهضبة لالا ستي بتلمسان. ضف إليهم أسواق الجملة للولايتين اللتين كانتا تشتريان الفطر الطبيعي المعبأ في علب بحجم 200 غرام و 300غرام بسعر 600 دج للوحدة .الفطر الطازج المحلي ينافس المستورد جودة و سعرا و بما أن الفطر الطبيعي الذي تنتجه المستثمرة بوسماحة سليمة ذاع صيته لجودته و نوعيته الجيدة المعروفة باسم ‘«ببلوروت الأبيض و «الرمادي و« البني « , فقد زادها ذلك إرادة كبيرة لمضاعفة إنتاجها الذي ارتفع شهريا إلى طن واحد من الفطر في السنة الحالية 2016. و هذا بتعميم زراعته على المساحة الإجمالية للنفق المقدرة ب 500 متر مربع , زيادة على مساحة إضافية وفرها لها مقر خاص إستأجرته بعين يوسف بمبلغ مليون سنتيم لتخفيف مشقة التنقل إلى بني صاف و خصصته للإنتاج كذلك . و باعت منه كميات ضخمة , و أكثرها في شهر رمضان , لاكتسابها زبائن جددا, جلهم مواطنين عاديين اقتنوا منها الفطر الطبيعي الغني بالبروتينات من المعرض الأول الذي نظمته الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب شهر ماي المنصرم بقصر المعارض «محمد فراح «بتلمسان . و تعٍرّفت عليها خلاله فئات اجتماعية واسعة, أصبحت من زبائنها. و الشيء نفسه تجلىّ بمعرض « عيد الطالب «بجامعة أبي بكر بلقايد . وشاعت تجربتها لدى اللجنة العلمية لمشروع زراعة الفطر بالمخبر الجامعي . وما حزّ في نفسها ضياع 700 كلغ من الفطر مؤخرا لتأثره بمرض» تركودارم» الناتج عن الحرارة, لبقائه خارج مستودع التبريد الذي تفتقر إليه المستثمرة, رغم أنه عامل أساسي في حفظ المنتوج . وقالت صاحبة المشروع في هذا الشأن: « لو استدعتني إدارة قصر المعارض في شهر رمضان للمشاركة في عرض السلع , لاغتنمت الفرصة لبيع الفطر عوض فساده و رميه بالمزابل, علما أن ثمن العلبة ذات 300غرام يقدر ب200 دج «. و لإنقاذ ما تبقى من الكمية المعتبرة , فتحت منزلها لتسويق المنتوج لعامة الناس بتسعيرة مريحة قبل و بعد شهر الصيام وحققت بها ربحا عوضت به خسارة الملايين التي لحقت بمنتوجها, و و استغلته في دفع أجور العمال الثمانية الذين يعملون في شكل فريق نسوي وآخر رجالي داخل و خارج المزرعة بجني الفطر و تغليفه و عجن خليط الروث و غيرها من المهام . و أبدت المستثمرة عزمها على عدم التراجع إلى الوراء, بمواجهة الانشغالات الصغيرة و الكبيرة , منها الأمراض التي تقاومها بالأدوية ليتماشي المشروع مع التنمية الداخلية التي تحتاج التفاتة الجهات المسؤولة بالسماح للمستثمرة بإستغلال» فيلا «مهجورة تعود للعهد الفرنسي بعين يوسف أو أحد المخازن الذي يرجع إلى نفس الحقبة و استعمل خلال فترة نشاط أسواق الفلاح عقب الاستقلال بهذه البلدية , وذلك بغرض استغلالها كمزرعة ثانية بإستثناء « نفق منطقة بني غناّم الجبلية « لضمان أيدي عاملة إضافية و مستقرة و دائمة بعين يوسف, مادام يوجد الكثير من طلبة هندسة الزراعة و البيولوجيا يرغبون العمل معها و قدموا سيرتهم الذاتية للنشاط بالبلدية و رفضوا الذهاب لتلك البقعة النائية المذكورة . إمكانيات غير محدودة لتوسيع زراعة الفطر في الجزائرو قالت المستثمرة أنها «مستعدة لترميم و تهيئة المستودعات المهملة على حسابها الخاص ,المهم أن تسارع مديرية أملاك الدولة بالترخيص لاستغلال المقر و السماح لها بكرائه بثمن معقول, ليظل المشروع ناجحا بديمومته, ويسهل لها استكمال عملية تسديد دين الدولة في السنة المقبلة. و تضع بالمقابل إنتاجها من الفطر في كفة التنافس كنشاط يفوز بالأفضل و قادر على تلبية رغبة الزبون بأخفض كلفة و أجود سلعة, و اختزال سياسة شراء الفطر المستورد المشبّع بالمواد الحافظة المضرة بالصحة , و استبداله بمنتوج فيه لمسة مزارعة جزائرية, سايرت الرفاه الاجتماعي و استشهدت بتجارب حية, عمدت من منطلقها على ترقية الإقتصاد المحلي الأمثل و الشامل, بإستراتيجية ستجعل الفلاحات و الفلاحين بلا تمييز من حلفاء الحكومة في الوقت الحالي لرفع المداخيل و إنماء الموارد التي تثبتت بأقاليم و حيزات إقتصادية محظوظة بالتحفيزات, مثلما هو الشأن لفكرتها المجسّدة بمغامرة إنتاج الفطر بمكان اختلط فيه الرصاص بالدم سنوات التسعينيات ومسحته اعتمادات الشروع في الإستثمار بالرأسمال العمومي الذي رفعت به التحدي لإصلاح بنى الإنتاج و الاستهلاك معا . و أشارت المزارعة في مقابل هذا أن مشروعها يتسنى أخذه بعين الاعتبار بعقد شراكة أجنبية بالتعاون مع منتجين زراعيين و صناعيين لتحرير شعبة الفطر بمرحلة انتقالية تنتظرها من مسؤولي منتدى المؤسسات الاقتصادية الذين تناشدهم لمرافقة استثمارها المتحرك صوب الربح المحقق بوحدة فعاّلة تدرّ أطنان الفطر الطبيعي من نفق كان هيكلا بلا روح.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)