الجزائر - A la une



تجّار
حكومة النهضة التونسية "باعت" البغدادي المحمودي، آخر رؤساء حكومة القذافي، للسلطة الجديدة في ليبيا، وإن كنا لا نعرف الثمن الذي قبضته النهضة، سواء عن طريق زعيمها الغنوشي، أو رئيس الجهاز التنفيذي، الجبالي، إلا أن هناك صفقة واضحة تمت بين الطرفين من وراء ظهر الرئيس منصف المرزوقي، الذي بات من خلال هذه العملية، ليس فقط رئيسا مؤقتا، وإنما أيضا صوريا مادام لا أحد استشاره في هكذا قرار، والسلطة الفعلية هي في يد النهضة، وها هي تلقننا درسا آخر في الديمقراطية واحترام مؤسسات الدولة والعلاقات الدولية وحقوق الإنسان وفق مفهوم هذا الحزب الإسلامي الذي يدعي التفتح على العصر واحترام حقوق الإنسان، وبناء تونس عصرية بكل أبنائها لكسر مخلفات دكتاتورية بن علي.
ماذا يكون الثمن يا ترى؟ صك بالدولار، أم مزايا اقتصادية لمصلحة الشعب التونسي، أم فقط لمصالح شخصية؟
تصوروا لو أن لندن أو الجزائر سنوات التسعينيات سلمت الغنوشي، الذي كان لاجئا هنا، لنظام بن علي، هل يبقى الرجل على قيد الحياة، وقاد التغيير اليوم في تونس؟
المحمودي ليس معارضا لنظام، بل هو من مخلفات نظام دكتاتوري، قد يكون مسؤولا عن الكثير من الكوارث في حق الشعب الليبي، لكن تسليمه لبلد يعيش الفوضى التي تعيشها ليبيا الآن فيه تعريض حياته للخطر، خاصة وأن ليبيا لم تنجح بعد في إرساء مؤسساتها، والعدالة مازالت غائبة، ولغة السلاح مازالت هي المرجعية الوحيدة لحل كل الخلافات.
تصرف حكومة النهضة هذا يجبرنا على طرح تساؤلات بشأن مستقبل العلاقة بين بلدينا في عهد الرئيس الانتقالي، الذي تأكد أنه لا يملك أدنى صلاحيات وكلمته غير مسموعة.
لسنا بحاجة لطرح تساؤل من يحكم تونس مرة أخرى؟، لأن الذي يحكم تونس بات معروفا الآن، يحكمها من وراء ستار رئيس بلا صلاحيات وبلا أدنى احترام لمنصبه، وبالتالي من الصعب علينا في هذه الظروف أن نبني علاقة ثقة في هذه الفوضى التي بدأت تطغى على النظام التونسي الجديد، فالذي "باع" المحمودي لليبيا لن يكون حارسا أمينا لحدودنا، وبإمكانه أن يبيعنا من أجل مصالحه مع ليبيا ومع غير ليبيا، فما علينا إلا أن نحطاط لأنفسنا، خاصة وأن الأنظمة الإسلامية التي بدأت تبرز في العالم العربي أظهرت تآزرا فيما بينها، فهي تنهل أفكارها من نفس المنبع "الإخواني" وترتكز على الدعم المالي والإعلامي لقطر، والجزائر مازالت الند لهذه الأنظمة حتى لا أقول العدو، لأنها تصدت "للثورة الخضراء" وقطعت الطريق أمامها، وهي التي كانت تراهن على كسب هذا البلد الشاسع بمساحته، الغني بثرواته ليكون الركيزة الأساسية في بناء الخلافة المنشودة.
بكم سيبيعنا الغنوشي لليبيا ولقطر مادام أظهر شراهة للمال واستعدادا للدوس على المبادئ الإنسانية، استعدادا لخيانة الأمانة؟!
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)