الجزائر - A la une

النصر ترافق الحماية المدنية بقسنطينة في يوم عمل




النصر ترافق الحماية المدنية بقسنطينة في يوم عمل
بخطى سريعة ترجّلوا من سيارة الإسعاف.. ركضوا نحو منزل الضحية ثم حملوها بين أذرعهم و وضعوها على النقالة، فانطلق السائق مُسرعا إلى المستشفى بينما كان المسعفون يُحاربون للحفاظ على حياة الفتاة بعد محاولة انتحار فاشلة.. هي لحظات إنسانية عايشتها النصر مع رجال الحماية المدنية بولاية قسنطينة، خلال أحد يومياتهم التي يقضونها في إنقاذ أرواح الآخرين، مُتحدين بذلك المصاعب الكثيرة التي لا تخلو منها مهمتهم النبيلة.روبورتاج: عبد الرزاق مشاطييؤدي أفراد سلك الحماية المدنية، دورا كبيرا في الحفاظ على سلامة المواطنين و صيانة ممتلكاتهم و كذا إنقاذ الأرواح خلال الحوادث التي تتسبب فيها العوامل البشرية أو الكوارث التي تقع لظروف طبيعية، حيث أن المخاطرة بالحياة لدى هؤلاء المنقذين و المسعفين و الإطفائيين، تُعّد أمورا روتينية في سبيل تأدية مهامهم النبيلة على أكمل وجه، و المساهمة بشكل فعال في الحفاظ على حياتنا، فكيف يقضي أعوان الحماية المدنية يوميات عملهم داخل ثكناتهم و هم على أهبة الاستعداد على مدار 24 ساعة، فقط من أجل التدخل بسرعة و حزم كبيرين؟ النصر زارت المركز المتقدم للحماية المدنية بومعزة بشير الواقع بوسط مدينة قسنطينة، على بُعد خطوات قليلة من جسر سيدي راشد، إذ يعد من أنشط المراكز و أكثرها تدخلا لتلبية نداءات الاستغاثة بالنظر إلى موقعه الاستراتيجي، و كذا الكثافة السكانية العالية بالمنطقة التي يقع بها، حيث قضينا ساعات مع الأفراد العاملين على مستواه، حتى نتمكن من استكشاف و نقل جزء بسيط من العمل الذي يؤدونه بشكل يومي دون كلل أو ملل.نظام شبه عسكري و تدريبات يومية للحفاظ على الجاهزيةرفقة الطبيب النقيب محمود حمدي، شرعنا في استكشاف الوحدة و طبيعة العمل، فبداية الدوام تكون على الساعة الثامنة صباحا، أين يتم تبادل المناوبة بين الفرقتين، التي أنهت عملها و التي تستعد لاستلامه، و بعد أن يغادر أفراد الفريق الأول، يتجمع العناصر القادمون توا بساحة الوحدة مُرتدين الزي الرسمي.. يقومون بتحية العلم و الاستماع إلى النشيد الوطني في نظام شبه عسكري، بعد ذلك يتم المناداة على الأفراد من خلال قيام الرقيب بتلاوة ورقة توزيع المهام اليومية التي يعدها رئيس الفصيلة، و في حالة تأخر أي عون، فسيتعرض إلى عقوبة قد تتمثل في تمديد ساعات العمل لتصل إلى 48 ساعة متتالية، فنظام العمل العادي هو 24 ساعة متواصلة ثم راحة ل 48 ساعة، و ذلك لكل رجل حماية مدنية من أفراد التدخل مهما كانت رتبته. و تتغير أدوار الأعوان كل يوم بين الإسعاف و الإنقاذ و الإطفاء، إذ لا يقتصر عمل الفرد على تأدية مهمة واحدة فقط، فحتى السائقون، تلقوا تكوينا أساسيا قبل أن يتخصصوا في السياقة.بعد توزيع المهام، يشرع الأعوان في تفقد العتاد من سيارات إسعاف و شاحنات إطفاء و معدات مختلفة، كالمولدات الكهربائية و مضخات سحب المياه، من أجل تقديم تقرير دقيق لمركز التنسيق العملياتي الواقع بالمدينة الجديدة علي منجلي، فكل وحدة و مركز على مستوى الولاية، تقوم يوميا بنفس العمل في تمام الساعة التاسعة صباحا، حتى تكون الوحدة المركزية على إطلاع بجاهزية الفصائل و الأفراد و كذا العتاد المتوفر للاستعمال، و ذلك من أجل تنظيم محكم في حالة وقوع حوادث كبرى أو كوارث، أو طلب النجدة من قبل مركز التنسيق الوطني بالعاصمة، للتدخل على مستوى ولايات مجاورة.و في العاشرة صباحا من كل يوم، ينفذ الأعوان مناورة تدريبية داخل الوحدة، يختلف موضوعها حسب سيناريو مدروس و معد مسبقا، سواء كان في الإسعاف أو الإنقاذ و الإطفاء، و هو عبارة عن برنامج شهري تقدمه المديرية العامة لجميع الوحدات، و الهدف منه رسكلة الأعوان و الحفاظ على جاهزيتهم و استعدادهم للتدخل في جميع الظروف، كما أنه نوع من التدريب المتواصل، حتى لا يفقد الأفراد ما تعلموه خلال التكوين و في الميدان أيضا، خاصة الأمور التي لا تحدث كثيرا، و خلال هذا الوقت، عملية تلبية النداءات تكون مضمونة من قبل أفراد الوحدة، و كل ما رن جرس التدخل، يتوجه الأعوان بسرعة إلى سيارة الإسعاف التي تخرج مسرعة نحو هدفها خلال دقيقة واحدة.سائقون يتجاهلون صافرة الإسعاف!بينما كنا نتلقى شروحا من قبل مرافقينا، رنّ جرس النجدة، ليتوجه "رئيس العُدد" و هو العون الذي يرأس الفرقة المسعفة، إلى غرفة الاتصالات للاستفسار عن العنوان و نوع التدخل، حيث علم أنه يتعلق بإسعاف مريض و نقله إلى المستشفى بمتوسطة في حي بوذراع صالح، و بسرعة فائقة قفز رفقة السائق و عونين على متن سيارة الإسعاف، و صعدنا معهم في الجهة الخلفية، ثم غادرنا نحو مكان طلب النجدة، لتشق المركبة طريقها بصعوبة بالغة وسط الاختناق المروري، فلا مجال للمرور بسهولة أمام سيارات تغلق الطرق الضيقة، فيما كان بعض السائقين يتجاهلون صوت صافرة الإسعاف، ما دفع بالسائق، مع ما يملكه من احترافية، إلى بذل أقصى ما لديه من براعة، حتى يمر بين المركبات و يتجنب الاصطدام بها، و العجيب في الأمر أن بعض مستعملي الطريق كانوا يستغلون مرور سيارة الإسعاف حتى يسيروا خلفها مباشرة و يفلتوا من زحمة المرور، و هو تصرف ينم عن سلوكات لا حضارية لبعض الأشخاص و لو كانوا قلة.وصلنا إلى المتوسطة و فُتح الباب، سأل الحاجب عن سبب حضور الإسعاف، و أجابه أحد الأعوان أن نداء نجدة طلب من المتوسطة، فأكد أن لا أحد بالمتوسطة فالتلاميذ و الأساتذة و الإداريون غادروا جميعا قبل أكثر من ساعة، احتار الأعوان و طلبوا المركز عبر جهاز الراديو "سيرتا 104 وصلنا المتوسطة ليس هناك أي شخص طلبنا من هذا العنوان"، في الحين يطلب منه موظف الاتصال الانتظار حتى يتأكد من مركز التنسيق العملياتي، ليعيد بعد ثوان التأكيد على أن المواطنة التي اتصلت تقطن بالقرب من المتوسطة و ما عليهم سوى البحث عنها.."إنها محاولة انتحار"!يغادر الأعوان المؤسسة التربوية و أنظارهم تتجه إلى كل صوب بحثا عن أي شخص في انتظار سيارة الإسعاف، و فجأة تظهر فتاة في العشرينات، تتجه صوب السيارة و تطلب من السائق التوقف، حيث كانت تبدو عليها علامات الخوف و القلق و قالت "أين أنتم أسرعوا أختي في حالة خطيرة"، يحاول المسعف استفسارها عن وضع أختها، فتؤكد أنها تناولت علبة كاملة من الدواء، يواصل طرح الأسئلة ما نوع الدواء الذي تناولته و ما هو عمرها، متى قامت بتناوله و هل هي واعية حاليا ؟، و تجيب "عمرها 21 سنة و لم نشاهدها كيف و متى قامت بتناول الدواء الخاص بجدتي، و لا أعرف اسمه"، هنا نظر الحاضرون إلى بعضهم و لم ينطق أحد بكلمة، بدا الجميع قد استوعبوا الأمر "إنها محاولة انتحار".يسرعون إلى البيت الواقع أسفل سلالم شديدة الانحدار بحي الحطابية الشعبي، نظرات الفضوليين تحاول معرفة ما يحدث و المارة يتوقفون للسؤال، يدخلون البيت و يخرجون رفقة الفتاة التي لم يستطيعوا حملها على السلالم بسبب جسمها الممتلئ، يصلون بها بصعوبة إلى سيارة الإسعاف، ترافقها أمها التي كانت تضرب كفيها و تسأل عن حال ابنتها، يطمئنها المسعف "لا تقلقي ستكون بخير"، الفتاة المغمى عليها تستيقظ و تعيد فقدان الوعي، و يواصل المنقذ محاولة إبقائها مستيقظة بالضرب على جبهتها و التكلم إليها "ابقي مستيقظة، ما اسمك، ما عمرك، كم حبة من الدواء شربت ؟"، هي لا تجيب على أسئلته، و رغم ذلك يواصل كلامه إليها، في مقدمة السيارة رئيس العُدَد يربط الاتصال بالمركز "لقد أسعفنا المريض، إنها فتاة عمرها 21 سنة تناولت علبة دواء من نوع إيكزوميل و نحن في طريقنا إلى المستشفى الجامعي".في تلك الأثناء كان السائق يحارب من أجل تجاوز الانسداد المروري، و ما إن وصلنا إلى طريق مفتوح حتى انطلق بسرعة فائقة، كان عدم الوقوع على الأرض و نحن جالسين أمرا في غاية الصعوبة، و لذلك استغربنا من المسعف الواقف و هو يقدم الإسعافات للمريضة، ما هي إلا دقائق حتى توقفنا أمام مصلحة الاستعجالات الطبية "سامي" بالمستشفى الجامعي، استقبل الأطباء الفتاة و نقلت مباشرة لتلقي العلاج، بعد أن قدم رئيس العدد تقريرا سريعا للطبيب المعاين، مع علبة الدواء الفارغة، هنا انتهت مهمة المسعفين، لنعود بعدها مباشرة إلى مقر الوحدة.20 هاتفا لاستقبال النداءات و تدخلات يومية في الجسورعلى مستوى غرفة الاتصالات، تم استقبالنا من الموظف العامل هناك، و الذي قدم لنا شروحات عن طريقة العمل، و أول ما لفت انتباهنا هو كثرة أجهزة الهاتف التي فاق عددها العشرين، حيث قال بأنه يستعمل هاتفين منها بشكل دائم، أحدهما لاستقبال نداءات المواطنين و المرافق العمومية المختلفة، و التي تصدر من هواتف ثابتة، أما الآخر فيتم من خلاله استقبال نداءات مركز التنسيق العملياتي، الذي تبلغه اتصالات المواطنين الواردة من أجهزة الهاتف المحمول، فيقوم بدوره بتحويلها إلى الوحدات المختلفة، حسب إقليم اختصاص كل وحدة، أما بقية الهواتف فهي خطوط مباشرة مرتبطة بمؤسسات عمومية و مرافق حساسة، مثل المستشفى الجامعي و مستشفى أمراض الكلى و المسرح الجهوي و قصر الثقافة محمد العيد أل خليفة، و كذا بعض البنوك و غيرها من الأماكن المستقبلة للجمهور، ففي حالة أي حادث أو خطر يتم الاتصال مباشرة عبر هذا الخط من قبل المؤسسة المعنية.داخل القاعة كان بإمكاننا الاستماع إلى جميع النداءات الواردة عبر تراب الولاية، من خلال جهاز الراديو المرتبط بنفس الهوائيات، و قد عرفنا من خلال ذلك أن كل مركز يملك رمزا خاصا به، ففي حالة المركز المتقدم "بومعزة بشير" الرمز هو "سيرتا 104"، و قد استمعنا إلى نداءات مختلفة ترد إلى المراكز، من بينها نداء استغاثة إلى وحدة الفرقة المتخصصة للتدخل في الأماكن الوعرة، من أجل إنقاذ شابة تحاول الانتحار من جسر ملاح سليمان، واصلنا متابعة مجريات العملية عبر الراديو، حيث تم منع الشابة من القفز من طرف بعض المواطنين، إلى حين وصول المسعفين الذين قاموا بتهدئتها، ثم وصل رجال الشرطة الذين حوّلوها إلى مقرهم من أجل الاستماع إلى أقوالها، و في مثل هذه الحالة قال مرافقونا بأن الشرطة ستقوم باستدعاء سيارة الإسعاف مرة أخرى من أجل نقل الفتاة إلى مستشفى الأمراض العقلية للتأكد من سلامتها، فيما علمنا من الأعوان أن محاولات الانتحار من على جسور وسط المدينة تحدث يوميا.لكل دقة جرس حكاية!بينما نحن في قاعة الاتصالات، رن الهاتف، أجاب الموظف و فهمنا بأن النداء يتعلق بإسعاف شخص مصاب على مستوى مقر الأمن الحضري المجاور لسوق بومزو، تنقلت سيارة الإسعاف بسرعة، و عند وصولهم اتصلوا بالمركز و أكدوا أنهم يقومون بنقل الشخص المصاب إلى المستشفى و هو شاب أصيب على مستوى عينه خلال شجار بالعصي بين مواطنين، و ما هي إلا لحظات حتى جاء نداء جديد، هذه المرة المصدر هو مقر الأمن الولائي، حيث تبين بعد تنقل أفراد الإسعاف، أن الأمر يتعلق بنقل شرطي مصاب، تعرض للسقوط على الدرج.موظف الاتصالات أطلعنا على معلومات كثيرة أخرى، مثل كيفية دق الجرس حتى يستعد الأعوان للخروج، فإذا تعلق الأمر بالتجمع يدق الجرس مرة واحدة قصيرة، و في حالة طلب سيارة الإسعاف الأولى يدق الجرس مرتين، و ثلاث مرات لخروج سيارة الإسعاف الثانية، و أربع مرات من أجل العمليات المختلفة، و التي تكون في العادة عبارة عن عمليات مبرمجة مسبقا، مثل تغطية الحفلات و مباريات كرة القدم و الزيارات الرسمية للمسؤولين و الوفود الأجنبية، أما إذا دق الجرس مرة واحدة طويلة فالأمر يتعلق بحادث خطير و على جميع الإسعافات الاستعداد للخروج.هكذا استُقبل نداء النجدة قبل سقوط الطائرة العسكرية بجبل فرطاسالحديث مع الموظف، قادنا إلى اكتشاف العديد من الأحداث الهامة التي مرت عليه خلال سنوات عمله الطويلة، و أبرز ما لفت انتباهنا، أنه كان الشخص الذي تلقى نداء الاستغاثة الخاص بسقوط الطائرة العسكرية قبل حوالي 4 سنوات بجبل فرطاس بولاية أم البواقي، مؤكدا أنه في ذلك اليوم، تلقى اتصالا أولا من برج المراقبة بمطار محمد بوضياف، أعلم من خلاله بأن إحدى الطائرات يفترض أن تحط بالمطار، غير أنها مختفية تماما و هناك احتمال كبير لسقوطها، موضحا أنه و بمجرد أن بدأ إجراءات الاتصال مع مركز التنسيق العملياتي لإعلامه بالأمر، حتى رن الهاتف مرة أخرى، و كان برج المراقبة بالمطار يؤكد خبر سقوط الطائرة، حينها استدعيت جميع التشكيلات و انطلقت إلى مكان وقوع الحادثة الأليمة التي راح ضحيتها عشرات الأشخاص.و قد قادنا الحديث مع أعوان الحماية المدنية، إلى اكتشاف العديد من المخاطر و الصعوبات التي يصادفونها بشكل يومي و قد تسبب لهم إصابات و أمراض، أو حتى متابعات قانونية إذا لم يتصرفوا بالطريقة الصحيحة، فما يبدو لنا بسيطا هو في الحقيقة أمر بالغ الصعوبة و يشتكي منه أغلب أفراد الحماية المدنية، على غرار رفع أوزان ثقيلة خلال التدخلات المختلفة، و هو ما يسبب لهم آلاما كبيرة في الظهر و المفاصل، قد تتحول إلى تمزق أو انزلاق غضروفي يتطلب أشهرا طويلة من الراحة أو حتى تدخلا جراحيا، و قد أكد لنا بعض الأعوان أن العديد من زملائهم يتواجدون حاليا في عطل مرضية طويلة بسبب هذا الإشكال، و هي حوادث تقع لهم خلال العمل بسبب حمل ضحية ثقيل الوزن، أو رفع ردوم أو أجسام كبيرة و غير ذلك من الأمور المماثلة.يصونون الأمانة و معرضون لمخاطر جسدية و نفسيةأعوان الحماية المدنية قالوا لنا إن واجبهم المهني و ضميرهم، يحتم عليهم الحفاظ على ممتلكات الضحايا و على سلامتها و تجنب سرقتها، ففي معظم الحوادث قد يضطرون إلى نقل الضحية نحو المستشفى قبل وصول مصالح الشرطة أو الدرك، و لذلك يكلف أحدهم بحراسة سيارة الضحية خوفا من تعرضها للسرقة، و ذلك في انتظار وصول الأمن و القيام بتسليمها لهم، في حين يضطر الأعوان في معظم الأحيان إلى الاحتفاظ بأغراض المصابين كالأموال أو الهواتف النقالة و الأشياء التي تكون بحوزتهم، حيث تسلم لأفراد الشرطة العاملين بالمستشفيات، مع الإمضاء على تبرئة ذمة و إعداد نسختين يحتفظ العون بإحداهما، حتى يكون واثقا من أن الأغراض التي سلمها ستعود إلى أصحابها.من الأشياء التي يتعرض لها أفراد الإنقاذ و الإسعاف بشكل مستمر، هي المشاهد المرعبة و العنيفة خلال الحوادث و الكوارث المختلفة، و هي أمور جد مؤثرة قد تؤدي إلى انهيار الإنسان العادي، فليس من السهل مشاهدة الأطراف المبتورة و الأشلاء المتناثرة و حملها بين الأيدي، غير أن هذا جزء من عمل هؤلاء الأعوان، و هنا يوضح الدكتور حمدي بأن التكوين يشمل تجهيز الفرد المتدرب لمثل هذه المواقف و كيفية التعامل معها، مؤكدا بأن العديد من الحوادث بهذا الشكل تقع سنويا، و عملية الإنقاذ و الإجلاء تنفذ بشكل مثالي، غير أن الفريق المتدخل يجتمع بعد العودة إلى الثكنة و يتحدث حول ما شاهدوه و ما عايشوه خلال العملية، و هو نوع من أنواع العلاج النفسي، كما أكد الطبيب بأن تلك المشاهد قد يصعب محوها من المخيلة، ما قد يضطر الأعوان إلى تلقي علاج لدى طبيب نفسي.الشيء المميز في عمل أفراد الحماية المدنية، هو استعدادهم الدائم و المستمر للتدخل و تقديم المساعدة، أو إسعاف أشخاص تعرضوا لحادث، حتى لو كانوا خارج الدوام الرسمي، فالواجب يحتم عليهم التدخل إذا كانوا حاضرين في حادث معين، كما أن ردة الفعل لديهم تكون قوية و إيجابية، حتى و هم داخل بيوتهم، فالعديد منهم ذكر لنا بأنهم و بمجرد سماع رنين ما أو صوت هاتف أو منبه، يسارعون إلى التحرك من أماكنهم، حيث يتبادر إلى ذهنهم صوت جرس النجدة، أما أفراد عائلاتهم فكلهم على إطلاع بتقنيات الإسعافات الأولية، كما أن الكثير من الأعوان يعلمون أبنائهم و زوجاتهم تقنيات الإسعاف، حتى يكونوا بدورهم على استعداد للتدخل في أي طارئ.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)