الجزائر - A la une

زلزال بومرداس.. ذكرى أليمة وشواهد



زلزال بومرداس.. ذكرى أليمة وشواهد
تحل، اليوم 21 ماي، الذكرى 13 للزلزال العنيف الذي ضرب ولاية بومرداس بقوة 6.8 على سلم ريشتر مخلفا خسائر بشرية فادحة، أكثر من ألفي قتيل وقرابة 12 ألف جريح و170 ألف مواطن مشرد، بالإضافة إلى الخسائر المادية الكبيرة التي مست السكنات والتجهيزات العمومية على غرار المؤسسات التربوية والاستشفائية، حيث وصلت نسبة الضرر في بعض المدن إلى 100 بالمائة وهو ما صعّب في البداية عملية التكفل بالمنكوبين.ذكريات أليمة لن تغيب عن أذهان معظم من عايشوا الزلزال، مع بقاء بعض الشواهد والمخلفات عالقة إلى اليوم مستحضرة ما حدث، رغم تعافي منكوبي الزلزال كلية من تلك الآثار النفسية الصعبة بعد اندماجهم من جديد في الحياة الطبيعية بنفسية جديدة وعزيمة قوية.وكانت الساعة تشير إلى السابعة وأربع وأربعين دقيقة من مساء يوم الأربعاء، 21 ماي 2003، عندما اهتزت الأرض تحت أقدام ساكنيها في ولاية بومرداس، في أقوى زلزال عرفته الجزائر بعد زلزال الشلف الذي وقع سنة 1980 وبلغت قوته 7.3 درجات وأسفر عن سقوط 3500 قتيل وتشريد 130 ألف مواطن. تغيير في نمط العمرانومن بين أبرز التبعات الناجمة عن هذه الكارثة هو إعادة تصنيف الولاية من "منطقة زلزالية من الدرجة الثانية إلى الدرجة الثالثة "حيث تم على إثر ذلك "إعادة تكييف" كل المشاريع العمرانية والسكنية التي كانت قيد الإنجاز أو تلك التي انطلقت اشغالها بعد ذلك. وتم على إثر هذا الزلزال تحديد المناطق التي مر بها "الخط الزلزالي" و"مركزه" حيث تم تصنيفها وأخذها في الحسبان في كل "مخططات التهيئة والتعمير" التي يجري إعادة مراجعتها جميعها إلى حد اليوم.وتسبب زلزال 21 ماي 2003 في ارتفاع القشرة الأرضية على طول سواحل بومرداس عن سطح البحر ب 40 سنتمتر فيما لم تعرف مياهه تراجعا نحو الداخل حسبما أكده خبراء من المركز الوطني للبحوث التطبيقية وهندسة مقاومة الزلازل".وحسب نفس الخبراء فإن الأبحاث المعمقة التي أجريت من طرف متخصصين في المجال أثبتت هذا الواقع مفندين في نفس الوقت "الاعتقاد السائد لدى عامة الناس بأن البحر هو الذي تراجع نحو الداخل" ومؤكدين بأن الحركة المهمة والكبيرة التي عرفتها القشرة الأرضية من سواحل بلدية بودواو البحري وإلى غاية بلدية دلس - وهي ظاهرة للعيان حاليا بالنظرة المجردة حدثت بسبب قوة الزلزال التي بلغت 6.8 على سلم رشتر.وشل الزلزال الذي حدد مركزه بمنطقة زموري البحري الحياة بأكملها، حيث ألحق أضرارا بأكثر من 100 ألف مسكن، منها أكثر من 10000 هدمت بالكامل، إضافة إلى الأضرار الجسيمة التي لحقت بمختلف المرافق العمومية الحيوية·وغداة الكارثة، سارعت الدولة إلى تجنيد كل طاقاتها البشرية والمادية من أجل مجابهة آثار الزلزال والتكفل بشكل فوري بكل المنكوبين، حيث فاقت المبالغ المالية الإجمالية التي رصدتها لذلك 78 مليار دج، كما تكفلت الدولة بترميم عن طريق مؤسساتها 85.738 مسكن متضررا جراء الزلزال أو بمنح إعانات مالية مباشرة للمنكوبين للقيام بعمليات الترميم بأنفسهم وإعادة بناء سكناتهم·ومن بين أهم القطاعات العمومية الحساسة التي تضررت كثيرا منشآتها قطاع التربية الوطنية، حيث تم ترميم 332 منشأة وإعادة بناء31 مؤسسة تربوية أخرى مختلفة، إضافة إلى ترميم 67 منشأة جامعية بين إقامة وقاعات بيداغوجية وإعادة بناء المكتبة وكليتي العلوم والحقوق·وفي القطاع الصحي، أعيد بناء مستشفى الثنية ومركزين استشفائيين وترميم ثلاث مستشفيات أخرى، إضافة إلى ترميم 10 منشآت فنية ومينائي زموري ودلس، علاوة على ترميم 58 مسجدا وإعادة بناء 5 أخرى ودار الثقافة لمدينة بومرداس و10 مراكز ثقافية· هبة دولية للمساعدةوسارعت العديد من الدول إلى إيفاد مساعدات مختلفة وفرق إنقاذ إلى الجزائر للمساهمة في عمليات البحث وإغاثة المنكوبين، من بين الدول كندا التي تبرعت كندا بمبلغ 150 ألف دولار لأعمال الإنقاذ والبحث عن الضحايا، مصر التي أرسلت مصل فريق من الأطباء والأدوية للمساعدة في علاج المصابين، وألمانيا التي أرسلت 25 عامل إنقاذ للأماكن المتضررة، والمغرب الذي أرسل فريقا طبيا وأدوية.كما ساهمت باكستان بسلع غذائية لضحايا الزلزال، أرسلتها في طائرة خاصة احتوت على 2500 بطانية، 200 خيمة و31 كرتون من الأدوية، ساهمت الصين بفريق طبي للإنقاذ من منظمة الإنقاذ والبحث الصينية الدولية (CISAR )، والمنظمة الرئيسية في الصين والمختصة بخدمات الانقاذ والبحث عن منكوبي الزلازل، للمساعدة في البحث عن الأحياء، وهو حال روسيا التي أرسلت فريقا للانقاذ والمساعدات الطبية.وأرسلت السعودية طائرة محملة ب102 طن من الأغذية والخيام، وجنوب أفريقيا فريق للإنقاذ، وسويسرا التي أرسلت مجموعة من الكلاب البوليسية المدربة للبحث عن المفقودين في الزلازل، كما أرسلت فريق انقاذ مكون من 90 فرداً إلى منطقة بومرداس وهو حال بريطانيا التي أوفدت حوالي 100 عامل إنقاذ. شاليهات تأبى الزوالورغم مرور 14 سنة على الزلزال الذي ضرب ولاية بومرداس والولايات المجاورة، وحوّل بومرداس وضواحيها في رمشة عين إلى مدينة أشباح، وإن استعادت الولاية روحها وحياتها ونشاطها، تبقى آثار زلزال 21 ماي تلاحق مسؤوليها الذين فشلوا في التخلص من الشاليهات التي تم تخصيصها لإعادة إسكان المتضررين.ولا تزال بعض بلديات ولاية بومرداس عاجزة عن إنهاء معاناة المتضررين من الزلزال الذين يقطنون البيوت الجاهزة التي تصطف كعلب الكبريت، يشتعل قاطنوها بحرارة الصيف وبرد الشتاء تارة وبالاحتجاجات من أجل إنهاء هذا الكابوس الذي عايشوه منذ 13 سنة تارة أخرى.وقد تحولت الشاليهات أو البيوت الجاهزة التي تم جلبها لعملية الإسكان المؤقت للمنكوبين إلى ملجأ نهائي قضت فيه العائلات 13 سنة، حيث أن 70 بالمائة من هذه السكنات الجاهزة مصنوع من صفائح حديدية لا تقي على الإطلاق من الرطوبة أو الحرارة.وقد حدد المنتجون مدة صلاحيتها بسنتين أو 03 سنوات كأقصى تقدير، لتتحول هذه الأخيرة التي بها غرفتين فقط إلى ملجأ لعائلات حولتها إلى بيوت قصديرية فرضتها مقتضيات التوسيع وتصليح السقف الذي أصبح منفذا سريعا لمياه الأمطار، وحتى عمليات منح هذه السكنات الجاهزة شابتها فوضى عارمة أحدثت فتنة بين السكان الذين استفاد العديد منهم من قرار استفادة من السكن نفسه، ما جعل القضاء يستقبل مئات الشكاوى في هذا المجال.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)