الجزائر - A la une

مشاهير الإنترنت.. مٌبدعون خذلهم الواقع فأحتضنتهم الرّقمية


مشاهير الإنترنت.. مٌبدعون خذلهم الواقع فأحتضنتهم الرّقمية
حقّقت الشبكة العنكبوتية للمواهب الصّاعدة في بضع سنين، مالاَ وشهرة، عجزت عن تحقيقه وسائط التواصل التقليدية لجيل عمالقة الفن، لعقود طويلة. فتكفي نقرة واحدة على فيديو شابّ موهوب، لتنقله من بين جدران منزله وتحتضنه أكبر قاعات العروض، ويبيتُ من مشاهير البلد بلِ العالم... ولكن هل لِمشاهير الرقمية ما يكفيهم من زادِ فنّي وإبداعي يضمن لهم التنافسية والدّوام؟ساهم التطوّر الرّهيب للرقمية وتطبيقاتها في عالم الفن، في ظهور مشاهير لا تتعدّى خبرتهم في المجال بضع أشهر أو حتى أيّام...واستثمروا بذكاء في هذه الشهرة وحققوا نجاحا تلو آخر، فيما اختفى البعض بعد أيّام من ظهوره. وكثيرون ممّن زارتهم "الشّهرة" في أوجّ بداياتهم الفنية، أضحوا "عمالقة" في سن مبكرة، بفضل الفايسبوك وتويتر والانستغرام وسناب شات... لدرجة أن أضخم برامج مسابقات الهواة المعروضة في أكبر القنوات العربية والعالميّة، تعتمد عند اختيار مُتنافسيها في مجالات التمثيل والغناء والتصميم، أساسا على فيديوهاتهم المطروحة على الأنترنت.والإشكال في الموضوع، هل بإمكان مشاهير الرّقمية، الحفاظ وبسهولة، على المكانة التي وصلوها بسهولة أيضا، أم أنّ للشبكة العنكبوتية قوانينها ومبادئها؟للإجابة على السؤال أخذنا برأي جيلين متلاحقين من الفنانين...جيل انطلق مباشرة من الأنترنت، ووصل إبداعه لملايين الأشخاص في ظرف أيام، فحقق القٌبول والشهرة، وجيل سابق عانى الأمرّين وكابد مشاق الحياة، ليُحقق طيلة عقود من العمل الجادْ، رٌبْع شهرة جيل الأنترنت، ومع ذلك يُصرّ على "مُعاداة" الرقمية. أنَسْ تِينَا.. حٌرِم من دخول التلفزيون فأضحى صاحب أكبر قناة يوتيوب بالجزائرأنس- تينا شاب ثلاثيني من العاصمة، يحفظ اسمه الصّغار قبل الكبار، سطع نجمه في عالم التدوين و"البودكاست" على اليوتيوب خلال ال 5 سنوات الماضية، لدرجة حقّقت جميع فيديوهاته نسبة مشاهدة تخطّت 80 مليونا...تطرّق للواقع الاجتماعي بسخرية وفكاهة، وتمكن في وقت قصير من التفوق في مجاله. متحوّلا في ظرف قصير إلى صاحب أكبر قناة يوتيوب في الجزائر، فتهافتت عليه القنوات التلفزيونية الخاصة والعمومية لتكسب من شهرته نسبة مشاهدة لبرامجها.رغم أن أقصى حلم ل "تينا" كان لا يتعدّى عرض أفكاره ومواهبه على التلفزيون العمومي، لكنه رفض "لسيطرة فنانين كبار على المجال" حسب تعبيره.ويتذكر أنس الحادثة بحسرة كبيرة "منعتُ في بداياتي من تخطّي عتبة الباب الخارجي للتلفزة العمومية، وكدت أتخلى عن حُلمي... لولا الشبكة العنكبوتية". وهو ما جعله يؤكد أن الأنترنت أحسن اختراع، استفاد منه الشباب عُموما والمُبدعون خصوصا، فبفضله أظهروا مواهبهم للجمهور، بعدما أوصدت الأبواب في وجوههم.وحققت بعض فيديوهاته نسبة مشاهدة تعدّت 10 ملايين في ظرف أيام، وهي نسبة يراها مُحدّثنا "خيالية" لن تحققها له وسائل الإعلام التقليدية مُجتمعةً.ويكسب الفنانون من قنواتهم على اليوتيوب الكثير مادّيا، فزيادة على إشهار المؤسسات المرتبط بعدد مشاهدات الجمهور، تدفع لهم مؤسسة يوتيوب مبالغ مالية، ولكن أنَسْ لم يستفد ماديا، والسّبب حسب تبريره "توجد الكثير من العراقيل عند تحويل الأموال من مؤسسة أجنبية، ولكنني استفدتٌ الكثير معنويا".وعن دوام شهرة الإنترنت، يُجيب "الشبكة العنكبوتية تضمن لك الانطلاقة القوية، وتزيح من طريقك العراقيل البيروقراطية مثل الرّشوة والمٌحاباة والوساطة، ولكن الاستمرار في النجاح عن طريق كسب المزيد من المشاهدات لأعمالك، وتلقيك لعروض من خارج نطاق الرقمية، هي ما تٌصنِّف هؤلاء المشاهير لاحقا...فكثيرون انطلقوا بقوة ثم اختفوا فجأة، وآخرون يحصدون النجاح تلو الآخر، بفضل التزامهم وتبنيهم فنّا هادفا تقبّله المجتمع بمختلف أطيافه". رَيَانْ.. مُصمِّم أزياء نقلته الشبكة العنكبوتية من بشار إلى دبيعبد الوهاب مبخوتي مصمم أزياء صاعد، يُعرف فنّيا باسم "ريان أطلس" في 31 من عمره، نقلته فيديوهاته المنشورة على الشبكة العنكبوتية من محله المتواضع للخياطة ببشار، إلى السجادة الحمراء، فسار جنبا لجنب مع مصمم الأزياء العالمي اللبناني ايلي صعب، وكان من بين الثلاثة النهائييّن في برنامج التّصميم العالمي في نُسخته العربية "برُوجكت رَانْواي".قصّته مع الخياطة والتصميم بدأت العام 2011، بعدما أنشأ محلا متواضعا بمدينته بشار لخياطة "الصالونات" التقليدية والستائر والأفرشة، يقصده زبائن عاديون.سعى بعدها لتطوير موهبته، فتنقل إلى العاصمة بحثا عن دفع أفضل لموهبته، ليتفاجأ بغياب مدارس للتصميم والموضة، فحوّل الوجهة نحو تونس التي بقي فيها إلى غاية 2013، ورغم مشاركته هناك في مهرجان الموضة وحصوله على المرتبة 7 من بين 21 مُشاركا، وتخصّصه في تصميم الملابس الرجالية للمُمثلين....بقي مجهولا، لا يعرفه إلاّ مُحيطه المُقرّب.إلى غاية اليوم الذي قرّرت فيه قناة (أم. بي. سي) السّعوديةّ، طرح النسخة العربية من البرنامج الأمريكي أفضل مُصمِّم في الأزياء "برُوجكت رانواي"، فبحثوا عبر الأنترنت عن أحسن المُصمِّمين العرب، وتشاءُ الصُّدف أن يطلعوا على فيديوهات رَيَانْ، فأعجبوا بتصاميمه رفقة 18 شابّا من مٌختلف الدول العربيّة، اختاروهم من بين 380 شاب وشابّة.ووصل رَيانْ بفضل إبداعاته إلى غاية الحلقة النهائية للبرنامج، وعَرَض تصامِيمه المستوحاة من التقاليد الجزائرية، والتي طلبت شراءها فناّنات عالميات معروفات. كما عرض عليه مستثمرون قطريّون شراكة في مجال التصميم.عن هذا يقول ل "الشروق"، "التكنولوجيا الرّقمية منحتني فرصة العُمر للانطلاق والشهرة، لم أحلم بها يوما، وفي البرنامج كنتٌ المشارك الوحيد الذي سجّل أكبر نسبة متابعة على السّوشال ميديا".ونجاحه جعله يُخطِّط لتشييد ورشة ومدرسة تصميم بالجزائر العاصمة للتكفل بالشباب الموهوبين. الرّقميّة.. خارج اهتمامات الجيل الأوّل!ولكن كيف ينظر جيل الفنانين القدماء لموضوع الرقمية..؟ في الموضوع تحدثنا مع الفنانة المعروفة بأدوارها المميزة في دراما التلفزيونية، والغائبة عن الشاشة الصغيرة مؤخرا، نوال زعتر.سألناها عن علاقتها بمواقع التواصل الاجتماعي، فردّت "ما عنْديش فايسبوك، وليس لي وقت له ولا أهتمُ به أصلا، عندي سْكايب للاتصال بأخواتي...".جوابها شجّعنا لنسألها "لَمْ تستغلوا التكنولوجيا أنتم الفنّانين الأكثر خبرة، مثلما فعل الشباب الصاعد في الفن، فسَلبوكم شهرتكم وأنتم تتفرّجون...؟، فاعترفت محدثتنا بالأمر، ولكن حسب قولها "إذا كان هذا وقتهم...نتقبل الأمر، أما الشهرة فحققناها منذ زمن بكدّنا وتعبنا واحترامنا لذوق المشاهد".وتعيبُ مُحدّثنا على بعض الفنانين الصّاعدين، والذين أدخلهم اليوتيوب إلى بيوت العائلات الجزائرية "غياب القيمة الفنية لأعمالهم"، فحوّلوا الفن حسب تعبيرها "إلى انحطاط كبير". وبرّرت زعتر غيابها عن الشاشة، بعدم وُجود عروض مناسبة "لأنها ترفض التنازل عن مبادئها". وترى زعتر أن شهرة اليوتيوب، سلاحٌ ذو حدّين "فمثلما تنفع صاحبها، وترفعه في وقت قياسي، قد يسقط سقوطا حٌرا لن يقف بعده أبدا...لأنه لم يبن شهرته على ركيزة متينة". مضيفة "كل من ينشر فيديو على الإنترنت، قد يٌصبح مشهورا ولكن استحالة أن يكون لجميعهم قيمة فنية، والدليل وُجُود الكثير من التسجيلات الفاضحة والأغاني الهابطة التي انتشرت كالنّار في الهشيم، لكنّها سرعان ما اختفت". الخبير في المعلوماتية، عثمان عبد اللوش ل "الشروق":شبابنا استغلوا الأنترنت وأنتجوا صناعة رقمية بأقل التكاليفإلى ذلك، أكد الخبير في المعلوماتية، عثمان عبد اللوش، أن العالم الرقمي أنتج صناعة جديدة بإمكان أي فئة عمرية ولوجها، فالهاتف الذكي أو سمارت فون يستطيع ولد لا يتعدى 14 من عمره أن يتحكم في تقنياته المعقدة.وميزة الرقمية أنه بإمكان الشخص الترويج لنفسه مع إضافة امتيازات عن طريق تقنيات التعديل والفوتوشوب. ولكنه تأسّف لكون الصناعة الرقمية في الجزائر "شبه مُهمشة".وبخصوص مشاهير الأنترنت، يقول "كثير من الشباب خلق سوقا موازية بعدما انتهز فرصة الرقمية وصنع عالمه الخاص عبر الإنترنت، فأنشأ قنوات اليوتيوب وصفحات إلكترونية تفاعلية، نقل عبرها تجاربه ومارس فيها تجارته وإبداعه، وبتكاليف مالية بسيطة، فاستفاد من الشهرة المعنوية والإشهار المادي في الوقت نفسه...فالبعض يملك 16 مليون متابع".وتمنى عبد اللوش، أن يثبت الجزائريون أنفسهم في الاقتصاد الرّقمي، والذي تحوّل إلى معركة حقيقية بين الشعوب...فالعالم المعاصر خرج منذ عام 2010 من الرقمنة وقفز إلى الثورة الخوارزمية"، متسائلا "لِمَ لا يكون لنا مٌحرك بحث عربي على غرار ڨوڨل..؟؟".


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)