الجزائر - A la une

مشروع إنجاز أكاديمية الطيران الجزائرية صراع مرير بين والي معسكر ومستثمر مغترب


لا يزال مشروع بناء أكاديمية الطيران الجزائرية بمدينة غريس على بعد 20 كم شمال عاصمة ولاية معسكر، يلفه الغموض ويسيل الكثير من الحبر، في ظل تضارب الأخبار عن الظروف التي أحاطت بقرار إيقاف أشغال المشروع. وتبين المعطيات الميدانية أن المشروع الذي كان من المقرر انطلاقه بتاريخ 16 ديسمبر من الشهر الجاري، يظل حبيس الأشغال. ووفقا لمصادر عليمة، فإن صاحب المشروع المنحدر من ولاية بومرداس والمقيم حاليا في هولندا، تم إخطاره من قبل السلطات العمومية فور القيام بأشغال تهيئة الأرضية المرشحة لاحتضان أكاديمية الطيران الجزائرية، بتوقيف الأشغال وهدم كل ما أنجزه من خرسانة أولية تمهيدا لتدابير متابعة صاحب المشروع وبدء التحقيق مع الجهات التي مكنته من الترخيص على ما يبدو، هذا الوضع دفع بصاحب المشروع إلى التجاوب مع قرار وقف الأشغال والتساؤل عن ماهية القرار وطبيعته، معتبرا إياه بالتعسفي وغير المدروس لأن المشروع الحيوي حسبه يخدم كثيرا المنطقة ويظهر صورتها على الصعيدين الوطني والدولي لثقل المشروع، وسربت مصادر هامة ل”البلاد” أن المستثمر يشعر بحنق وامتعاض كبيرين نتيجة صدور القرار الذي أجهض مخططه وبدد أحلام الطامحين إلى تنفيذ المشروع على جزء من أرضية مطار غريس. وبررت المصادر نفسها هذا الشعور الممزوج بحيرة المستثمر وغرابة الوسط المتتبع للمشروع ذاته، بقيمة الغلاف المالي الكبير الذي جنده هذا الأخير سعيا لإنجاح المشروع النهضوي في ولاية معسكر.
وتذهب المصادر إلى القول إن المستثمر الذي يراهن على وقوف الجهات الحكومية معه، أودع عريضة استعجالية على مستوى مجلس قضاء معسكر بنية إلغاء قرار الهدم، بعدما رفضت محكمة غريس شكواه وقررت عدم الاختصاص في بادئ الأمر، ويأتي هذا الإجراء الذي اتخذه المستثمر في هذا المضمار على مستوى القضاء ضد مصالح ولاية معسكر، في أعقاب لجوء السلطات الولائية قبل أسبوع، إلى تدمير كل الصفائح المعدنية التي أنجزتها شركته على مستوى محيط المشروع، سعيا إلى الحصول على حكم عادل لمشكلته أو الاستفادة من تعويض مالي عن الضرر الجسيم الذي طال أمواله التي استثمرها في المشروع نفسه.
وبالعودة إلى الموضوع، فإن المستثمر “ك عبد الحميد”، حصل على قطعة أرض في إطار مشاريع حق الامتياز، تبلغ مساحتها 12 ألف هكتار تقع بالتحديد في محيط مطار غريس من اجل مشروع إنجاز أكاديمية الطيران. وحسب مصدر عليم، فإنه تم إسناد مهمة الإشراف على الأشغال لمكتب دراسات السيد “مبروك ك”، كان من المقرر أن يباشر المرحلة الأولى منه تتلخص في بناء ملجأ مؤقت للطائرات خفيفة الوزن وكذلك مقر إداري للمشروع منجزة بالبناء الجاهز “براريك”. وفي هذا السياق، تم إعلام جميع الجهات الرسمية التي وافقت على المشروع وحصل على رخصة بناء المشروع مع وضع حجر الأساس على أول هيكل قاعدي في مجال الطيران الأكاديمي في الغرب الجزائري. مع العلم أن المستثمر حصل على مخطط بناء المشروع من قبل المصالح التقنية للبناء، غير أن “القطرة التي أفاضت كأس الغضب”، هي وقوع المستثمر في ورطة حقيقية بعد تلقيه مقررة صادمة تقضي بوقف الأشغال وسحب مقررة الامتياز، بحجة أن الأرض التي تحتضن المشروع تعد منطقة مؤمنة وتابعة لمحيط المطار وأن المستثمر لم يمتثل للشكليات المنصوص عليها في التعهدات الواردة في مخطط البناء، وجاءت هذه المقررة بعد سلسلة من حلقات العذاب الإداري التي سايرها المستثمر بين إجراءات تسريح المشروع التي دامت 10 أشهر كاملة وتعقيدات أشغال تثبيت الصفائح المعدنية لمحيط المشروع، فوجئت الشركة بقرار صادم حل يوم 9 أكتوبر يقضي بوقف الأشغال وسحب مقررة الامتياز، بحجة أن الأرض التي تحتضن المشروع تعد منطقة مؤمنة وتابعة لمحيط المطار وأن المستثمر لم يمتثل للشكليات المنصوص عليها في التعهدات الواردة في مخطط البناء.
تسارع الأحداث وتدفق عدد المحاضر القضائية ضد المستثمر، دفع بهذا الأخير إلى رفض المبرر وإعلانه عدم الاعتراف بالقرارات الصادرة ضده، مبررا ذلك بوقوع هفوات جسيمة في حق مشروعه وقيام بعض الجهات بوضع عراقيل بيروقراطية وإكراهات غير مسبوقة لثنيه عن مواصلة أشغاله والوصول إلى هدفه المنشود، ولعل ما يؤكد هذا الطرح ما سربه من معلومات بأن أولى خطوات الإخفاق بدأت حينما زار رئيس بلدية غريس بتاريخ 3 ديسمبر الفائت عين المكان وقام بإخطار المصالح الرسمية بعدم قانونية الأشغال تحت ذريعة عدم توفر المستثمر على ترخيص قانوني وأمر مصالحه بهدم كل ما بناه، وأفصح السيد عبد الحميد ك، أن مشروعه يتمتع بصيغة قانونية وأنه يملك جميع البراهين والقرائن الدالة على سلامة مشروعه وأشغاله، وتم تنفيذ قرار الهدم في 15 ديسمبر الماضي تحت إشراف والي معسكر ولد صالح زيتوني، هذا الأخير برر موقفه بالقانوني لأنه كان حريا بالمستثمر حسبه إنجاز أكاديمية الطيران الجزائرية بالمعنى الحقيقي للمشروع وليس التغني بالشعارات والتخلي عن أصل الفكرة، مبديا أسفه العميق لإقدام المستثمر على تثبيت بناءات جاهزة “شاليهات” في محيط المطار، وهو ما دفع مصالحه إلى اتخاذ قرار الهدم في إجراء سريع للحيلولة دون استفادة صاحب المشروع من ترخيص جديد لاستئناف الأشغال.
أما بخصوص عملية الهدم التي طالت المشروع، فقد فند والي معسكر الشائعات وأوضح أن العملية مست بعض الصفائح المعدنية وليس كامل الأشغال وأنها وقعت تحت أنظار محضر قضائي الذي قام بجرد شامل لعتاد الشركة قبل نقله إلى حظيرة بلدية غريس.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)