الجزائر - A la une

زخات من الأمطار تكشف سياسة "البريكولاج" في تيارت


خلفت الأمطار التي تهاطلت على ولاية تيارت، خسائر مادية معتبرة، وكشفت مدى هشاشة المشاريع التنموية، التي لم تصمد في وجه حبات المطر، التي أدت إلى إغراق الطرقات والأحياء في أوحال وبرك مائية، صاحبتها تسربات مائية، وسط الخوف والذعر الذي خيم على المواطنين من أصحاب السكنات الهشة والبنايات القديمة، الذين يقطنون في الأحياء المهمشة.وعرت هذه الأمطار، واقع التنمية المحلية والبنية التحتية، التي يتبناها المسئولون المحليون، وكشفت المستور، حول الغش الفاضح في عشرات المشاريع المنجزة، وعدم قدرتها على مجابهة أبسط الكوارث الطبيعية، حيث تحولت الشوارع والطرق الرئيسية والفرعية إلى وديان، وأغلقت بالكامل، بسبب تجمع المياه المتراكمة، التي حدت من تنقل المركبات والأشخاص على حد سواء، وغرقت أحياء ومساكن في الأوحال على غرار حي السانيا وسوناتيبا ودار وكوزينة، والكثير من الأحياء المثالية، كحي دلاس، الحراش، حي الولاية، حي 250 سكن طريق عين الذهب بمدينة السوقر انتهت فيها مشاريع التهيئة بالكامل، غير أن واقع الحال يخالف ذلك، إذ أن العديد من الأحياء كحي اللوز 124 سكن و100 سكن التي تتوج دبها ثانوية ومدرستين ابتدائيتين ومعهد متخصص للتكوين المهني الذي ما يزالوا دون تهيئة، حيث البرك المائية والأوحال تخيف المار والتلاميذ للمؤسسات التعليمية بالحيين.
وشكل عشرات المواطنين، خلايا أزمة تضامنية شعبية وسط أحيائهم، لإخراج المياه من عديد المنازل بوسائل بدائية، وجلب التراب لتجفيف الأزقة والتقليل من تسرب المياه داخل المنازل، وفتح أبواب منازلهم للجيران وعائلاتهم، الذين يعيشون في مساكن هشة وقابلة للسقوط في أي لحظة. وسارع مواطنون آخرون لشراء الأغطية البلاستيكية كحل مبدئي وعاجل لتغطية مساكنهم لكي لا تبتل، خوفا من انهيارها على أساس أنها مبنية بوسائل تقليدية.
كما زاد الوضع تعقيدا الانسداد في شبكات التطهير بما فيها البالوعات التي فاضت وأخرجت مياه الصرف الصحي، ولم يواكب تطلعات المواطن البسيط، على حد تعبير الكثير منهم، وبدل أن تمتص بالوعاته المياه، أصبحت تصدرها بألوان وروائح كريهة، والتي أغرقت منازل وإدارات بالكامل رغم ارتفاعها على مستوى الطريق، على غرار ما وقع في حي المنظر الجميل والأعشاش والمصاعبة، الذي تؤكد التقارير الرسمية لمديرية التعمير، أنها أحياء مكتملة التهيئة عن آخرها، كما تعدا ببناءات الهشة و الفوضوية بحي كارمان وأحياء ببلديات الولاية التي تهاون رؤوسا البلديات بتطليق قرار الهدم والتي أصبحت كالفطريات رغم أن الإحصاء 2007 تم من خلاله ترحيل كل العائلات القاطنين في البناءات الهشة الفوضوية، إلا أن ولاية تيارت ما تزال فيها، بحوالي أكثر 10 ألف سكن فوضوي قابل للانهيار على رؤوس ساكنيه في أي لحظة، كما بات المشي في شوارع وأزقة الأحياء خطرا كبيرا على المارة.
وسخرت الحماية المدنية وكذا الجماعات المحلية، جميع الإمكانيات البشرية واللوجيستية، مع حالة من الاستنفار والتأهب، مع بداية أولى القطرات، لمجابهة الوضع، لكن انسداد بالوعات التطهير، وعدم مساهمتها في امتصاص مياه الأمطار، أدى إلى غرق عديد الأحياء والمنازل، مما صعب من مجهوداتهم.
في سياق ذي صلة، استبشر الموالون والفلاحون بتساقط الأمطار، خاصة أننا في شهر مارس الذي يقول عنه المثل الشعبي "مارس كل شيء فيه قارس" وذلك بعد سنوات من الجفاف التي تسببت في غلاء وارتفاع جنوني لأسعار الكلأ، وأدت ببعض الموالين إلى هجران نشاطهم والتخلي عنه نتيجة عدم قدرتهم على مجاراة ارتفاع الأسعار، حتى أن احد الموالين بمنطقة عين كرمس قام ببيع الخرفان الصغيرة بأثمان هزيلة حتى يتمكن من شراء العلف لماشيته، حيث أكلت الشعير بكامله وأصبحت الماشية تأكل صوفها بدل الشعير بسبب نفاذ أمواله.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)